بدأ
مسلسل الجاسوس The Spy المؤلف فقط من ست حلقات، بتتبع مسيرة كوهين في عالم
الجاسوسية، منذ أن بدأ الموساد الإسرائيلي في ستينات القرن المنصرم بالبحث عن عميل
إسرائيلي لتجنيده في سوريا، قبل أن يجد أخيرًا الرجل المنشود بشخص كوهين، الذي عرف
بين السوريين باسم كامل أمين ثابت.
ويجسد
شخصية الجاسوس الإسرائيلي في العمل، ساشا بارون كوهين، المعروف أكثر بتجسيده للأعمال
الكوميدية. أما النص والإخراج فكان موقعًا باسم الإسرائيلي جيدون راف.
وتختصر الحلقتان الأولى والثانية مراحل
مهمة من حياة كوهين، منذ أن كان صغيرًا حتى قدومة إلى تل أبيب من القاهرة. ويدخل المسلسل
مباشرة في صلب الحدث الرئيسي المحرك لخيوط القصة، وتنفيذ كوهين للمهام التي كان الموساد
الإسرائيلي قد أوكل له تنفيذها في دمشق.
صور العمل المجتمع العسكري والسياسي السوري،
وطبقة رجال الأعمال السوريين في تلك الفترة على أنه مجتمع مختل، خال من الأخلاق نهائيًا،
عبارة عن سذج وصلوا إلى حكم سوريا، لأنهم استيقظوا قبل غيرهم بنصف ساعة لا أكثر، واقتحموا
الإذاعة السورية وأعلنوا الانقلاب العسكري.
منذ الدقائق الأولى في الحلقة الأولى من
العمل يعلن صنّاعه عن تعاطف كبير مع بطلهم القومي، عبر تصوير فراشة تقترب من الضوء
لتحترق، وهو ما جعل المسلسل كله، يدور حول هذه الفكرة.
ومن أحد العناصر التي استخدمها المخرج لإثارة
التعاطف مع الجاسوس الإسرائيلي، استخدامه للألوان في المشاهد الخاصة بالداخل الإسرائيلي،
من خلال استخدام ألوان باهتة، تدلل على الحزن وتؤثر في الصورة العامة المراد رسمها
حول المظلومية الإسرائيلية.
يسهل المخرج المهمة لبطله، عبر صورة نمطية
تدور حول “السوريين السذج”، وإن أظهر قلة قليلة منهم بمظهر العدو اللدود الذكي، من
خلال مشروع مفترض يدعى “الشلال” الذي يهدف إلى تحويل مجرى الأنهار التي تغذي بحيرة
طبرية لضرب الأمن المائي الإسرائيلي، ومن خلال شخصية أحمد سويداني، الذي لاحق كوهين
وشك فيه من اللحظة الأولى.
تم تصوير العمل في المغرب، ليظهر اللباس
المغربي والأفغاني بقوة، كما يحتوي على معالم أثرية يفترض أنها في العاصمة السورية
دمشق دون التحقق من شكل المدينة في تلك الفترة، وهو ما لا يمكن تجاوزه في مسلسل من
إنتاج شبكة Netflix
وحملت
الرواية التي قدمها المسلسل لمسيرة كوهين الجاسوسية، الكثير من المغالطات التاريخية،
الأمر الذي يُعتقد بين جمهور عربي واسع أنه ربما يكون مقصودًا، خاصة وأن المغالطات
التاريخية في العمل أضافت ما يدعم الرواية الإسرائيلية حول المسألة اليهودية، وتقمص
دور الضحية بإظهار الجنود السوريين يقصفون الأطفال والمدنيين الإسرائيليين، وإظهار
كوهين على أنه كان من الأصدقاء المقربين للرئيس السوري السابق أمين الحافظ، عندما كان
ملحقًا عسكريًا للسفارة السورية في الأرجنتين، وهو ما نفاه الحافظ نفسه عندما شارك
في برنامج "شاهد على العصر" على قناة الجزيرة، وقال إنه لم يسمع بكوهين إلا
عندما ألقي القبض عليه.
جذب
المسلسل منذ الإعلان عنه، جمهورًا عربيًا أراد أن يرى ما ستقدمه السردية الإسرائيلية
عن أحد أشهر الجواسيس في المنطقة. لكن المغالطات التاريخية وما أسماه البعض "تزويرًا"،
دفع الكثيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى انتقاد المسلسل وشبكة نتفليكس، مع محاولات
العمل على إظهار إسرائيل كـ"دولة سلام" مقابل "تشويه صورة العرب"
على عدة مستويات. وقد وصفه البعض بأنه جزء من "البروباغندا الدعائية للكيان الصهيوني".
